الجمعة، 19 يوليو 2013

فلسطين بين الاغتصاب وحلم التحرير.. {جاء من يعرفك يا بلوط}

هل تفعل {العصابات} ما لم تقوى عليه الجيوش النظامية العربية ؟


قبل قرن تقريباً كانت فلسطين عربية من البحر إلى النهر.. اليوم فلسطين التاريخية على مرمى حجر من التهويد بعد استباحة آخر بقعة ضوء في بلد السلام وتحويلها إلى مستوطنات يقطنها متطرفين، لطالما كانت جذورهم مغمسة بدم اطفال الجليل. فكيف وهم ابناء العصابة التي اغتصبت يوماً فلسطين على مرأى من الامة العربية النائمة، على حد وصف غولدا مائير.
العصابة التي تشكلت في عام 1909 للدفاع عن حلم اليهود والصهيونية ومشروعها التوسعي اعتمدت اسلوب الارهاب ضد سكان البلاد الأصليين، فكانت في قمة الهمجية والوحشية عبر ارتكابها المجازر الجماعية ضد العرب في مقدمتها مذبحة عتيل عام 1938 ومذبحة الخصاص والعباسية عام 1947، وتفجير فندقي الملك داوود وسميرة أميس في القدس وقتل الأبرياء وغيرها.
الهاغانا، البالماخ ،الأرغون وجيش الدفاع الاسرائيلي، هي مسميات فقط للعصابة نفسها التي اعتمدت نفس المبادئ بأن مصير الشعب اليهودي يحسم بقوة السلاح العبري فوق أرض فلسطين، فارتكبت ابشع المجارز.
في المقابل، كانت الجيوش النظامية العربية تعدنا في كل لحظة بأن ساعة الصلاة في القدس قريبة، فكانت النكبة تلتها النكسة الاولى والثانية والثالثة، وما سمي بنصر اكتوبر عام 1973 ما هو الا نسكة ايضاً لوعد قطعته جيوش العرب النظامية باسترجاع فلسطين.
ستون في المئة من ميزانيات الدول العربية كانت تذهب للتسلح، تخزين السلاح وقمع الشعب وتجويعه وسجنه وسحقه، بحجة ان الانظمة الممانعة جُل اهتمامها واولوياتها هو استعادة فلسطين، ولا مكان قبل ذلك لشعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
بعد ستون عاماً على الهزيمة امام العصابة الاسرائيلية دخلت الجيوش العربية النظامية بغيبوبة الممانعة، واصبح الجنود شرطة مرور وبوليس اشارة لجميع المارقين من الحكام الذين يسقطون اليوم واحداً تلو الآخر بعد سقوط القناع عن القناع. لكن بدلاً من التقاط الشعب العربي لأنفاسه، حلت منظمات مسلحة تطلق عليها لقب المقاومة، هدفها المعسول المعلن استعادة الحقوق، اما في باطنها فأفاعٍ سُمها قاتل لكل فكر غير فكرها ولكل قضية غير قضيتها المتسترة بغطاء الدين. فكانت القاعدة وحزب الله وحماس جماعة الاخوان، والنصرة.. فحي على الجهاد.
امس قال موشيه يعلون وزير الدفاع الاسرائيلي، {تسمية منمقة لعصابة الهاغانا}، قال ان منظمات ارهابية مسلحة ومدربة ستحل محل الجيوش العربية في السنوات المقبلة عند حدود اسرائيل. واعتبر ان هذه المنظمات مسلحة من اخمص قدميها حتى رأسها ويصعب لجمها، كما كان الامر مع الجيوش العربية بعد اكتوبر 1973، مشيراً ان على اسرائيل ملائمة نفسها مع الواقع الجديد.
الواقع الجديد هو ان عصابة القتل الصهيونية اصبحت في مواجهة وحرب عصابات مع جماعات متطرفة في المقلب الآخر، لديها عقيدة دينية، تقاتل بشراسة لتثبيت نفسها. هذه المنظمات نراها اليوم اقوى من الدول، حزب الله يخترق الهلال الخصيب، وحماس استقوت على السلطة واستباحت القطاع، والقاعدة والنصرة حربها مع الكبار فقط وتواجدها في كل الساحات على امتداد خطوط العرض والطول للكرة الارضية، وليس معلوماً اذا ما ستنافس يوما في الفضاء فتكون وراء الانفجار الكبير big bang.
اليوم {جاء من يعرف لك يا بلوط}، بحسب المثل السائد.. عصابة اسرائيل خائفة من عصابات نشأت وترعرعت على حدود فلسطين التاريخية.
بالأمس العصابات المتطرفة اغتصبت فلسطين.. فهل تستعيدها اليوم عصابات آخرى لا تقل تطرفاً؟. فيصدق محيي الدين ابن عربي في قصيدته الشهيرة وجاء فيها {.. ويؤم المسلمون القدس جيشاً}. لكن السؤال الذي يُطرح حينها، ما مصير كنسية المهد؟ هل ستهدم كالهيكل المزعوم فندخل حينها من جديدة في دوامة صموئيل هنتنغتون {صدام الحضارات}.

وليد قرضاب الكويت في 19/7/2013